نظافة الفم والعلاقة بالآخرين
بقلم : د. عبدالهادي مصباح - جريدة الأهرام
مشكلة انبعاث رائحة كريهة من الفم اثناء التنفس هي في الحقيقة مشكلة يعاني منها الكثيرون, و تسبب لهم وللآخرين حرجا عندما يضطرون للاقتراب من هذا الشخص اثناء حديثهم اليه او اجتماعهم معه, وقد توثر هذه المشكلة علي العلاقة الزوجية الحميمية حتي ان بعض قضايا الطلاق المرفوعة امام المحاكم في الخارج, كانت بسبب شكوي احد الزوجين الصريحة من الاخر لهذا السبب, وقد يكون هذا هوالسبب في كثير من حالات الطلاق التي تحدث هنا ايضا, ولكن دون الاعلان عنها, والتخفي وراء اسباب اخري, وقد تواجه هذه المشكلة احد الاشخاص الذين يتطلب عملهم الاقتراب من الاخرين بشكل خاص كطبيب الاسنان مثلا, او المدرس الخصوصي, اوالمترجم الذي يتولي الترجمة لشخصية مهمة, او رجال الاعمال.. الخ, مما يؤثر علي عملهم وعلاقاتهم بالآخرين,
والحقيقة ان رائحة الفم الكريهة ليس لها علاقة بالمستوي الاجتماعي و المادي, او حتي بالمظهر العام البراق والجميل, فقد تجد سيدة في غاية الجمال والشياكة, او رجلا في منتهي الاناقة, الا انهما يعانيان من هذه المشكلة التي لايعرفانها بالطبع من تلقاء نفسهما,ولكن من خلال رد فعل الاخرين ـ خاصة القريبين منهما ـ تجاههم , وذلك لان الانسان لايستطيع ان يشم رائحة فمه التي تخرج بشكل افقي من تحت الانف
ورائحة الفم الكريهة يطلق عليها بالانجليزيةHalitosis, وهناك من الناس من يتولد لديهم الاحساس بأن لديهم هذه الرائحة الكريهة ـ علي الرغم من عدم وجودها ـ ما يؤثر علي نفسيتهم وعلاقاتهم بالاخرين, و يتولد لديهم خوف او فوبيا تسميHalphobiaفنجدهم موسوسين ولايحاولون الاقتراب منك اثناء الحديث, وعندما يتكلمون يضعون ايديهم او منديلا علي فمهم, ويمضغون اللبان والنعناع والاشياء التي تحسن من رائحة النفس طول الوقت دون جدوي او فائدة تعيد اليهم ثقتهم في انفسهم.
ويعد الفم هو المتهم الاول المتسبب في حدوث هذه المشكلة, فهو المسئول عن نحو85% ـ90% من حالات انبعاث روائح كريهة من الفم, وذلك نتيجة للإهمال بالعناية بنظافة الفم واللثة والأسنان, مثلما يحدث حين يترك الانسان فضلات الطعام بين الاسنان, خاصة البروتينات منها,وفي حالات التهابات اللثة, وتسوس الاسنان, ووجود التهاب او خراج تحت احد الضروس او الاسنان, وعدم العناية بنظافة التركيبات والاطقم غير الثابتة, وايضا في الحالات التي تسبب جفاف الحلق واللسان, حيث ان اللعاب من العوامل المهمة التي تقوم بعملية نظافة مستمرة لمنطقة خلف اللسان, لتزيل مايتجمع عليه من بكتيريا, و التي يسبب نشاطها وما ينتج عنه هذه الروائح الكريهة, وقد يحدث هذا الجفاف في المرضي المصابين بالتهاب الجيوب الانفية,اولوجود لحمية خلف الانف, او اي مرض اخر يضطرهم الي التنفس من فمهم اثناء النوم, وفي حالات الصيام, او التحدث لمدة طويلة بحيث يحدث جفاف للحلق, وكذلك في حالات التوتر العصبي والخوف, او نتيجة لتعاطي الكثير من الادوية التي تسبب جفاف الحلق واللسان.
ويأتي التدخين ليزيد الطين بلة, فعلي الرغم من ان النيكوتين يقلل من نشاط البكتيريا المسببة لهذه الرائحة الكريهة, إلا ان التأثيرات السلبية الاخري التي يحدثها مثل: جفاف الفم والحلق, و التأثير السلبي علي الاغشية المخاطية في الجزء العلوي من البلعوم والحنجرة وجفافهما, والتهاب الجيوب الانفية التي تسبب نزول افرازات خلف الانف, الي المنطقة الخلفية من اللسان والبلعوم, والتي تصبح منطقة تجمع للبكتيريا المسببة لهذه الروائح, بالاضافة الي الرائحة الاروماتية الكريهة التي يتركها دخان السيجارة في الفم, والتي تضاف الي الروائح الاخري, كل هذه التأثيرات السلبية تجعل التدخين احد اهم الاسباب التي تجعل هذه المشكلة اكثر تعقيدا, وبالاضافة الي الفم فهناك نسبة5% ـ10% من حالات انبعاث رائحة كريهة من الفم يكون سببها من الانف, وفي3% من الحالات من التهاب اللوزتين المزمن, و1% لاسباب اخري.
ولعل من ضمن اسباب انبعاث هذه الروائح الكريهة هو انبعاث بعض الغازات ذات الروائح الكريهة نتيجة نشاط بعض البكتيريا النافع التي تتجمع في منطقة خلف اللسان في85% ـ90% من الحالات, ومن ضمن هذه الغازات ماله رائحة البيض الفاسد( ثاني اكسيد الكبريت)H25, وبعضها له رائحة بعض الغازات التي تصاحب عملية تكوين البراز.
وقد يتساءل البعض: هل من المفيد ان نمحو هذه البكتيريا تماما من الفم حتي نتخلص من هذه الرائحة ؟ والاجابة لا, فهذه البكتيريا من النوع المتكافل الذي لو تلاشي من الفم, فإن ذلك يعطي الفرصة للفطريات المختلفة مثل الكانديدا وغيرها لان تنمو, وتسبب التهابات خطيرة, وقرحا في الفم والجهاز الهضمي, والاسلوب الامثل هو العناية بنظافة الفم, وعدم ترك الفضلات لكي تتغذي عليها هذه البكتيريا
والحقيقية ان الجمعية الامريكية للفم والاسنان وضعت الكثير من النصائح المهمة من اجل مواجهة هذه المشكلة والتغلب عليها, خاصة ان استخدام الغرغرة والمستحلب والنعناع وغيرها من منعشات الفم وحدها لايدوم اثره لفترة تتجاوز مابين20 ـ120 دقيقة فقط منها:
* العناية بتنظيف اللسان, خاصة المنطقة الخفية منه, والتي تتجمع عليها البكتيريا, وذلك بفرشة الاسنان بطريقة خفيفة بحيث لاتجرح اللسان وبراعمه, وربما يكون ذلك صعبا في باديء الامر لإحساس الانسان بشيء من الغثيان, الا ان الاستمرارية والتمرين تجعل هذا الامر طبيعيا بعد ذلك, واذا لم يتمكن الانسان من ذلك فعليه بالغرغرة او المضمضة بعد تنظيف الاسنان.
* ينبغي علي الانسان تناول وجبة الافطار, حيث ان عملية المضغ والبلع ـ الي جانب انها تزيل الطبقة المتجمعة من المخاط والبكتيريا ـ تنشط افراز اللعاب الذي له خاصية مضادة للبكتيريا.
* لاينبغي ترك الحلق جافا معظم الوقت, وربما كان مضغ اللبان الطبيعي لعدة دقائق بين الحين والآخر عاملا مساعدا لتنشيط إفراز اللعاب, وجعل رائحة الفم طيبة, استخدام الغرغرة واقراص الاستحلاب واللبان الذي يحتوي علي المنتول والمواد المزيلة للرائحة لابأس به, ولكنه وحده دون اتباع باقي التعليمات لا يجدي.
* تنظيف الفم جيدا بعد تناول الاغذية او المشروبات ذات الروائح النفاذة مثل البصل والثوم والكاري والقهوة وغيرها.
* الاستخدام الصحيح لفرشاة الاسنان والمعجون لتنظيف مابين الاسنان.
*علاج اللثة, والجيوب الانفية, التي تتسبب في تجميع المخاط واحيانا الدم من خلال إفرازات ماخلف الانف, ونمو البكتيريا عليها وجفاف الحلق, مما يتسبب في انبعاث روائح كريهة.
* الامتناع نهائيا عن التدخين بدءا من النيكوتين والسجائر العادية وحتي المواد الاخري مثل البانجو والشيشة وغيرها
بقلم : د. عبدالهادي مصباح - جريدة الأهرام
مشكلة انبعاث رائحة كريهة من الفم اثناء التنفس هي في الحقيقة مشكلة يعاني منها الكثيرون, و تسبب لهم وللآخرين حرجا عندما يضطرون للاقتراب من هذا الشخص اثناء حديثهم اليه او اجتماعهم معه, وقد توثر هذه المشكلة علي العلاقة الزوجية الحميمية حتي ان بعض قضايا الطلاق المرفوعة امام المحاكم في الخارج, كانت بسبب شكوي احد الزوجين الصريحة من الاخر لهذا السبب, وقد يكون هذا هوالسبب في كثير من حالات الطلاق التي تحدث هنا ايضا, ولكن دون الاعلان عنها, والتخفي وراء اسباب اخري, وقد تواجه هذه المشكلة احد الاشخاص الذين يتطلب عملهم الاقتراب من الاخرين بشكل خاص كطبيب الاسنان مثلا, او المدرس الخصوصي, اوالمترجم الذي يتولي الترجمة لشخصية مهمة, او رجال الاعمال.. الخ, مما يؤثر علي عملهم وعلاقاتهم بالآخرين,
والحقيقة ان رائحة الفم الكريهة ليس لها علاقة بالمستوي الاجتماعي و المادي, او حتي بالمظهر العام البراق والجميل, فقد تجد سيدة في غاية الجمال والشياكة, او رجلا في منتهي الاناقة, الا انهما يعانيان من هذه المشكلة التي لايعرفانها بالطبع من تلقاء نفسهما,ولكن من خلال رد فعل الاخرين ـ خاصة القريبين منهما ـ تجاههم , وذلك لان الانسان لايستطيع ان يشم رائحة فمه التي تخرج بشكل افقي من تحت الانف
ورائحة الفم الكريهة يطلق عليها بالانجليزيةHalitosis, وهناك من الناس من يتولد لديهم الاحساس بأن لديهم هذه الرائحة الكريهة ـ علي الرغم من عدم وجودها ـ ما يؤثر علي نفسيتهم وعلاقاتهم بالاخرين, و يتولد لديهم خوف او فوبيا تسميHalphobiaفنجدهم موسوسين ولايحاولون الاقتراب منك اثناء الحديث, وعندما يتكلمون يضعون ايديهم او منديلا علي فمهم, ويمضغون اللبان والنعناع والاشياء التي تحسن من رائحة النفس طول الوقت دون جدوي او فائدة تعيد اليهم ثقتهم في انفسهم.
ويعد الفم هو المتهم الاول المتسبب في حدوث هذه المشكلة, فهو المسئول عن نحو85% ـ90% من حالات انبعاث روائح كريهة من الفم, وذلك نتيجة للإهمال بالعناية بنظافة الفم واللثة والأسنان, مثلما يحدث حين يترك الانسان فضلات الطعام بين الاسنان, خاصة البروتينات منها,وفي حالات التهابات اللثة, وتسوس الاسنان, ووجود التهاب او خراج تحت احد الضروس او الاسنان, وعدم العناية بنظافة التركيبات والاطقم غير الثابتة, وايضا في الحالات التي تسبب جفاف الحلق واللسان, حيث ان اللعاب من العوامل المهمة التي تقوم بعملية نظافة مستمرة لمنطقة خلف اللسان, لتزيل مايتجمع عليه من بكتيريا, و التي يسبب نشاطها وما ينتج عنه هذه الروائح الكريهة, وقد يحدث هذا الجفاف في المرضي المصابين بالتهاب الجيوب الانفية,اولوجود لحمية خلف الانف, او اي مرض اخر يضطرهم الي التنفس من فمهم اثناء النوم, وفي حالات الصيام, او التحدث لمدة طويلة بحيث يحدث جفاف للحلق, وكذلك في حالات التوتر العصبي والخوف, او نتيجة لتعاطي الكثير من الادوية التي تسبب جفاف الحلق واللسان.
ويأتي التدخين ليزيد الطين بلة, فعلي الرغم من ان النيكوتين يقلل من نشاط البكتيريا المسببة لهذه الرائحة الكريهة, إلا ان التأثيرات السلبية الاخري التي يحدثها مثل: جفاف الفم والحلق, و التأثير السلبي علي الاغشية المخاطية في الجزء العلوي من البلعوم والحنجرة وجفافهما, والتهاب الجيوب الانفية التي تسبب نزول افرازات خلف الانف, الي المنطقة الخلفية من اللسان والبلعوم, والتي تصبح منطقة تجمع للبكتيريا المسببة لهذه الروائح, بالاضافة الي الرائحة الاروماتية الكريهة التي يتركها دخان السيجارة في الفم, والتي تضاف الي الروائح الاخري, كل هذه التأثيرات السلبية تجعل التدخين احد اهم الاسباب التي تجعل هذه المشكلة اكثر تعقيدا, وبالاضافة الي الفم فهناك نسبة5% ـ10% من حالات انبعاث رائحة كريهة من الفم يكون سببها من الانف, وفي3% من الحالات من التهاب اللوزتين المزمن, و1% لاسباب اخري.
ولعل من ضمن اسباب انبعاث هذه الروائح الكريهة هو انبعاث بعض الغازات ذات الروائح الكريهة نتيجة نشاط بعض البكتيريا النافع التي تتجمع في منطقة خلف اللسان في85% ـ90% من الحالات, ومن ضمن هذه الغازات ماله رائحة البيض الفاسد( ثاني اكسيد الكبريت)H25, وبعضها له رائحة بعض الغازات التي تصاحب عملية تكوين البراز.
وقد يتساءل البعض: هل من المفيد ان نمحو هذه البكتيريا تماما من الفم حتي نتخلص من هذه الرائحة ؟ والاجابة لا, فهذه البكتيريا من النوع المتكافل الذي لو تلاشي من الفم, فإن ذلك يعطي الفرصة للفطريات المختلفة مثل الكانديدا وغيرها لان تنمو, وتسبب التهابات خطيرة, وقرحا في الفم والجهاز الهضمي, والاسلوب الامثل هو العناية بنظافة الفم, وعدم ترك الفضلات لكي تتغذي عليها هذه البكتيريا
والحقيقية ان الجمعية الامريكية للفم والاسنان وضعت الكثير من النصائح المهمة من اجل مواجهة هذه المشكلة والتغلب عليها, خاصة ان استخدام الغرغرة والمستحلب والنعناع وغيرها من منعشات الفم وحدها لايدوم اثره لفترة تتجاوز مابين20 ـ120 دقيقة فقط منها:
* العناية بتنظيف اللسان, خاصة المنطقة الخفية منه, والتي تتجمع عليها البكتيريا, وذلك بفرشة الاسنان بطريقة خفيفة بحيث لاتجرح اللسان وبراعمه, وربما يكون ذلك صعبا في باديء الامر لإحساس الانسان بشيء من الغثيان, الا ان الاستمرارية والتمرين تجعل هذا الامر طبيعيا بعد ذلك, واذا لم يتمكن الانسان من ذلك فعليه بالغرغرة او المضمضة بعد تنظيف الاسنان.
* ينبغي علي الانسان تناول وجبة الافطار, حيث ان عملية المضغ والبلع ـ الي جانب انها تزيل الطبقة المتجمعة من المخاط والبكتيريا ـ تنشط افراز اللعاب الذي له خاصية مضادة للبكتيريا.
* لاينبغي ترك الحلق جافا معظم الوقت, وربما كان مضغ اللبان الطبيعي لعدة دقائق بين الحين والآخر عاملا مساعدا لتنشيط إفراز اللعاب, وجعل رائحة الفم طيبة, استخدام الغرغرة واقراص الاستحلاب واللبان الذي يحتوي علي المنتول والمواد المزيلة للرائحة لابأس به, ولكنه وحده دون اتباع باقي التعليمات لا يجدي.
* تنظيف الفم جيدا بعد تناول الاغذية او المشروبات ذات الروائح النفاذة مثل البصل والثوم والكاري والقهوة وغيرها.
* الاستخدام الصحيح لفرشاة الاسنان والمعجون لتنظيف مابين الاسنان.
*علاج اللثة, والجيوب الانفية, التي تتسبب في تجميع المخاط واحيانا الدم من خلال إفرازات ماخلف الانف, ونمو البكتيريا عليها وجفاف الحلق, مما يتسبب في انبعاث روائح كريهة.
* الامتناع نهائيا عن التدخين بدءا من النيكوتين والسجائر العادية وحتي المواد الاخري مثل البانجو والشيشة وغيرها
منقول